رجل يشاهد مباراة كرة القدم من فوق سور الحديقة |
٢١ يناير ٢٠١٦، الخميس
اليوم تعلمت درساً جديداً من إبنة أخي البالغة من العمر ٣ سنوات عندما إصطحبتها إلى الحديقة المجاورة لمنزلنا، اليوم هي المرة الأولى التي تضحك فيها "فاطمة" معي من قلبها، لقد شعرت بذلك جيدا، خصوصا أنها لم تكن تتحدث معي نهائيا، هي كذلك تخجل منا لأننا عدنا في زمن لا يتواصل فيه الأحباب بصورة طبيعية.
إفتح قلبك للآخرين
كانت اول ضحكاتها معي حين بدأت أُلاعبها بينما كانت أشعة الشمس تتسلل من خيوط ستارة الحُجرة، أنا على أي حال أُلاعبها بهذه الصورة للمرة الأولى؛ وهنا علمتني طفلتنا أنك لا بد ان تفتح قلبك للآخرين كي يفتحوا هم قلوبهم إليك. كانت دائما ما ترفض الخروج مع أحدنا، أقصد بأحدنا هم أولائك الذين دون الأم والأب، ترفض الخروج حتى إلى الشارع المحاذي لباب بيتنا، ولكنني قررت أن أدعوها للخروج للحديقة المجاورة في هذا اليوم، فوافقت مسرعةً.
عش طفلا ولو لمرة واحدة في الإسبوع
أمسكتها من يديها وعبرنا الشارع، دخلنا الحديقة، لفتني منظر لعبة مسطحه وبها قضبان عمودية تشبه الرّحى، يركب فوقها اكثر من ٥ أطفال أحدهم قد يسقط من آلة اللعب على الأرض ضحكاً ودوراناً حيث يقوم أحدهم بأمساكها واللف والدوران بمن فيها، كأنني فوق تلك الآله قبل ٢٠ عام في حديقة المطار "مطار البحرين الدولي" التي هُدِمت الآن ولم يبقى منها إلا أثر، كأن والدي يقوم بتدوير آلة اللعب والركض، وانا هناك أسقط مغشيا علي من الدوران، يالها من أيام كان فيها والدي يركض حتى يتعرق، والدي الرياضي الذي كان يأكل أكثر من ٢٠ برتقاله بعد ان يعود من النادي الصحي، جاء بعد دقائق ليجلس على كرسي الحديقة فهو اليوم لا يستطيع تدوير الآلة بسبب الجلطة الدماغية التي خرج منها مؤخرا.
كنت أظن أن هناك أشياء كثيرة تغيرت بين طفولتنا وشبابنا، لكنني قررت للحظة أن اتأرجح، أضع رجلي على الأرض، وامسك بالسلاسل المتدلية من خشبة الأرجوحة، أرفع رأسي للأعلى وقدمي للأمام، ثم أعود بجذعي للخلف مع حركة الأرجوحة، أغمضت عيني لثوان، لثوان أنا هنا بين السماء والأرض وكأني في الخامسة من العمر.
أخرج طفلتك من وقتها المفضل تدريجياً
كانت مستمتعة بوقتها وهذا درس مستقبلي منها إلي: بعد ٤٥ دقيقة طلبت منها ان تلبس بلوزتها الصوفية ونعود للبيت، أنا في الواقع أردت الرجوع للبيت بعد ساعة تماماً وليس ٤٥ دقيقة، هي ضجت بالصراخ والضجر، وهذا متوقع، وكأنك قد أيقضت شخصاً من حلمٍ جميل فجأة لتقول له هيا استيقض للعمل، هو على الأرجح سيعاود النوم لـ١٠ دقائق أخرى، طلبت منها اللعب لـ١٠ دقائق أخرى، لكني بعد تلك الدقائق لم أطلب منها لبس حذائها للعودة للمنزل بل قلت لها إلبسي حذائك لأننا سنذهب لنتمشى حول الحديقة، كان من الواجب علي المشي حول الحديقة إذا كيما تفقد ثقتها بي، فللأطفال إحساس قوي أحياناً بالخديعة.
أعتقد أني قد إستمتعت في يومي هذا أكثر من "فاطمة" التي تصغرني بعشرين عام، والتي علمتني دروساً جيدة دون أن تعلم هي وأعتقد انني سأخصص يوما في الأسبوع لزيارة حديقتنا البسيطة هذه.