"إن التدين لا يشترط الزهد. وكان سلاطين المسلمين بعد علي بن ابي طالب متدينين ربما أكثر من علي إلا في القلة من سفهائهم كالوليد بن يزيد. وكانوا لذائذيين في نفس الوقت. كان الرشيد يصلي في اليوم مئة ركعة إضافية، وكانت صلاة النبي محمد لا تزيد على إحدى عشرة ركعة وكان يحج عاما ويجاهد عاما. والرشيد في نفس الوقت وحش جنسي وبهيمة لذائذية"
- هادي العلوي، مدارات صوفية
- هادي العلوي، مدارات صوفية
بين الفكر الروحاني والسلوك الروحاني بون شاسع، فإلى من يجعلون الفكر الروحاني أساسا لتقييم سلوك الإنسان.. اكتب هذه المقالة. وهي ليست لنزع هذا السلوك من فئة وجعلها في فئة. بل لتوضيح مواقعها في فئات اخرى مجهولة، ونزعها من الحصر التام.
ويبدو في التاريخ أن الفكر الروحاني كان في كثير من الاحيان ولا يزال أداة استغلال سياسي، فعندما يكون رجل دين إيراني مثل (علي رفسنجاني) ثاني أكبر مليونير في إيران ويُلَّقَب بـ"أكبر شاه"، فماذا يبقى للجياع؟ وعندما تبحث معظم وإذا لم يكن كُلَّ الحركات الأصولية في شبه جزيرة العرب عن إشباع كروشها وشهواتها فتتواطئ مع الحُكام والغرب ضد الشعب، فماذا يبقى للدين؟
ذكرت صحيفه البيان في العام ٢٠١٢ عن صحف عالمية بأن رئيس الأوروغواي (خوسيه موخيكا) الذي مسك الرئاسة من فترة ٢٠١٠ إلى ٢٠١٤ هو أفقر رئيس دولة في العالم، فهو لا يزال يركب سيارته "الفولكس ويغن" القديمة، ويتبرع بـ ٩٠% من راتبه للطبقة الفقيرة من الشعب، وينزل الشارع بلا حرس، ويرفض السكن في قصر الرئاسة؛ على غرار الحكيم الإسلامي علي ابن أبي طالب عندما رفض العيش في قصر الإمارة مفضلاً العيش وسط احد الأحياء الشعبية.
وبعدما انتصرت ثورة الجياع ١٩٩٢م في فنزويلا عاش قائدها تشافيز كما كان قبل الثورة، وخصص برنامجاً على القناة المحلية ليظهر للشعب بنفسه ويسمع شكاواهم.
لقد عرف حكماء اللاتينية الإمام علي دون قراءته، فهم لا يملكون فكرا روحانيا، ولكن سلوكهم يخرج من رحم المأساة وإلتزام طبقي نحو الجياع، وهذا الإلتزام إنساني لا يمتلك ثقافة روحانية.
فعندما يكون الأصوليون بعيدون عن الأصل يُغرِقون الشعوب بالحلم الأخروي، بينما يعيشون هم في النعيم المادي. أو يُلزمون العامة بالزهد والتّعبد، ويتركون الساحه مفتوحه للحاكم، وقد يتواطئون معه على العامة فيبعدونهم عن الثورة والمطالبة بحقوقهم المادية، كما حدث في كثير من مواضع التاريخ الاسلامي والمسيحي.
فعندما يعجز الدين عن الثورة يتحول الى أفيون، كان هدف الانبياء اجتماعي انساني في جملتهم، واصبح الهدف منه فكري احترابي، فجعلوا غاية الدين العبادة، بينما أرادها الأنبياء وسيلة تهذيبية أسمى من الفرض نفسه.
وهذا لا يعني ان رجال الدين لم يخوضوا النضال ضد الحكام والاستعمار في جغرافيتنا العربية فهناك ثورة العشرين في العراق وثورة الخميني في ايران، ولا يخفى ان افضل مقاومة في الوطن العربي اليوم هي التي يقوم بها حزب الله، ضد المشروع الصهيو-امريكي.
ولكن هذا المقال يعطي للروحانية مفهوم اوسع من مفهومة الفكري، وهو السلوك الذي على اساسه نقيم الإنسان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق