غلاف كتاب: المرجعية الشيعية وآفاق التطور - أحمد الكاتب |
للفكر الإنساني تحولاته، كما للجسد الإنساني الحي تقلباته، وفي هذا الكتاب رحلة لتحولات فكر المرجع الديني الشيعي السيد محمد الشيرازي (١٩٢٨-٢٠٠١) والذي نبصر من خلاله كيف للواقع والأحداث السياسية والتجارب أثر في تغير فكر الإنسان ووجهات نظره التي قد تكون مؤيدة لفكرة ما أشد التأييد في سن معين وتنقضها أشد النقض في سن أخرى، أو نتيجة حدث ما. وبالتالي علمني هذا الكتاب أن لا قدسية للأشخاص والأسماء والأفكار التي يخرجون بها لأنها نتيجة من نواتج الحياة الإجتماعية النفسية التي يعيشونها.
حول المؤلف نذكر أن احمد الكاتب هو واحد من تلاميذ السيد محمد الشيرازي والذي لبس العمامة والزي الديني في سن الرابعة عشر على يده ورافق الشيرازي في منفاه إلى الكويت بعد إنقلاب ١٩٦٣م وبالتالي فإن أحمد الكاتب حين ينقد في هذا الكتاب الصغير الذي لا يتجاوز الـ ٢٠٠ صفحة لا ينقد شخص محمد الشيرازي بل ينقد نفسه وسيرة حياته التي عاشها وتطوراتها الفكرية والسياسية كما يقول.
من المواقف الإيجابية للشيرازي وقوفه ضد السياسة العربية القومية في الستينات ودفاعه عن حق الأكراد التي تعتبر من الأمم العراقية العريقة ورفضه اصدار فتوى لصالح النظام القومي حين طالبه عبدالسلام عارف إصدار فتوة لمحاربة الأكراد وثورتهم: "قائلا إن الأكراد مسلمون، والعرب مسلمون، فإذا انتم بنيتم حكومتكم على القومية العربية فهم تعلموا منكم ويريدون أن يبنوا حكومة لأنفسهم على القومية الكردية."/ص٨٦.
ورفض أيضا نظرية الحكم الوراثي الملكي قائلا أنه أسوء أقسام الحكم الإنقلابي الإنتخابي. ولكن الشيرازي بدل أن يتحدث عن البديل الجمهوري طرح نظام ولاية الفقيه؛ فإذا كانت القومية تمنع حق الكرد العراقيين وتجعل منهم طبقة أدنى، فإن الحكم القائم على ولاية الفقيه او حتى الشورى المقتصرة على الفقهاء الشيعة تمنع حق الديانات او المذاهب الأخرى التي تشترك معنا في الوطن من الوصول إلى الحكم أو حتى الإنتخاب الجمهوري..! وذلك يتعلق بالنظرية التي يؤمن بها الإنسان الشيعي بأن الفقهاء نواب الإمام المهدي الثاني عشر والذي توارث شرعيته من الأئمة الذين توارثوا شرعيتهم من الرسول المرسل من الله، فبالتالي فإن الدولة الإسلامية الحقة هي دولة يقودها الفقيه العادل المطبق لشرع الله وقانونه.
أما من المواقف السلبية للشيرازي هو دعوته في الحرب العراقية الإيرانية وفي مثل هذا الموقف الحرج لتخلي الجنود العراقيين عن السلاح وعدم مواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مقابل الدفاع عن نظام بعثي ملحد وكافر... وتغلب في كثير من الأحيان الهموم الآيدلوجية عند الشيرازي على هموم الهوية الوطنية او العدل والمساواة فنرى أنه كان في بداية حياته الفكرية حسب ما ينقل تلميذه الكاتب معارضا شديدا للإنتخابات والديمقراطية كونها من نواتج الغرب والتراث اليوناني والبعيدة عن مفاهيم أهل البيت والإسلام الأصيل وعارض تفسير محمد باقر الصدر لأية الشورى وقانون الإصلاح الزراعي الذي أتى به الشيوعيون بعد إنقلاب تموز ١٩٥٨م، ومن بعدها اخذ يراجع افكاره في كل ذلك وأخذ يوظف الديمقراطية والمفاهيم الحديثة في فكره السياسي وفي خدمة الفكر السياسي الشيعي بشكل عام، وغيّر موقفه من قانون الإصلاح الزراعي.
شخصيا تعتبر هذه قرائتي الأولى في فكر الشيرزاي والمصدر الوحيد الذي اعرفه حول شخصيته ويمكن أن يعتبر سيرة ذاتية حيادية ذكرت ما على الشيرازي وما إليه خارج لغة التقديس، ولايزال الكاتب محافظا في نفس الوقت على إحترامه لأستاذه بالرغم من خروج الكاتب بفكر مختلف ومفاهيم مغايرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق