الأحد، 28 يونيو 2015

الحركة والجوهر عند الفلاسفة القدماء





"الحركة هي الخروج من القوة إلى الفعل على سبيل التدريج/ ابن رشد والكندي"








المدرسة الأيونية:


واجهت الانسان حين حاول أن يفسر العالم بطريقة علمية مسألتين أساسيتين: الحركة والجوهر. أي كيفية النشأة ومادة الوجود الأساسية.حيث كان طاليس أول فلاسفة الإغريق المولود عام ٦٢٥ ق.م الذي كان يرى إستنادا إلى فكرة سومرية قديمة أن العالم يرجع إلى مادة وحيدة هي الماء. فالماء هو أصل الأشياء كلها، أما القوة التي تُشَكّل الأشياء وتحركها فهي الآلهة. ولكن طاليس بدلاً من أن يضع الآلهة في السماء وضعها في داخل الأشياء. حيث يقول: كل شيء مملوء بالآلهة. وهذه هي المدرسة الآيونية التي تقول بأن الوجود متحرك دائما وحركته هذه منه وفيه.


من بعد طاليس جاء تلميذه انكسماندريس وقال بوجود العماء (الأبيرون) وهو المطلق الذي تنشأ منه الأشياء وتعود إليه وفق مبدأ (الإنفصال والإنضمام) ففي الإنفصال تكون الحياة وفي الإنضمام يكون الموت أو الرجوع إلى العدم في صيرورة أبدية.


التلميذ الثالث لهذه المدرسة هو أنكسيمانس الذي فسر نشأة الأرض وفق مبدأ (التخلخل والتكاثف) حيث اختلف مع استاذه وكان يرى أن الهواء هو مادة الوجود الأساسية وأن الأرض تكونت نتيجة تخلخله وتكاثفه وينشأ كل ما هو موجود وفق هذا المبدأ: فالنار مثلا تنشأ عن التخلخل أما التكاثف فيؤدي إلى السحاب ثم إلى الماء وفي مرحلة تالية من التصلب تكونت الأرض والصخور.

 


المدرسة الإيلية:


من بعد انكسيمانس جاء برمنديس المولود عام ٥١٥ ق.م وشن مع تلميذه زينون هجوما على المدرسة الأيونية، حيث أبطل فكرة الزمن مؤكدا أن الوجود في حاضر لا يزول، فليس له ماضٍ ولا مستقبل، وليس محدَثاً ولا فانياً وهو في وحدة مع ذاته ليس له اجزاء. وقد اراد زينون ان يدافع عن مذهب استاذه ضد كل من يقول بالكثرة والتعدد والحركة التي هي في منطقة تفضي الى التناقض فاستشهد بأربع حجج. إلا أنه بالرغم من ادراكه الطبيعة المتناقضة للحركة عجز عن استشراف وحدة مراحلها المتناقضة.


وذهبت جهود برمنديس وزينون، حيث انها لم توقف من تطور الفكرة القائلة بالحركة.  فكان هيراقليطس في نفس الحقبة يعلن أن الأشياء في سيلان دائم وأن التنازع اساس الوجود، حيث يرى أن هناك تبادل بين الأشياء والنار يتمثل في تحول كل منها إلى الآخر، فالنار تتحول إلى ماء ثم إلى تراب والتراب يذوب بفعلها فيغدو ماءً والماء يتبخر فيرجع ناراً وهكذا بالإشتعال والإنطفاء والاحتراق والتجمد تكون الصيرورة وهي علة استمرار الوجود ولو كفت الأشياء عن الصراع لإنتهت إلى العدم. وكان هيراقلطيس اول من قال ان الانسان اصله من تراب وباقي الأشياء تكونت بفعل النار وتفاعلاتها.


بعد هيراقلطيس استحدث انبادوقليس نظرية الجذور او العناصر الأربعة، وهي: الماء، والهواء ، والنار، والتراب. وهي ما عُرفت بالإسطقسات وأضاف عليها الصينيون عنصر خامس هو الخشب. والإسطقس هو عملية إلتقاء هذه العناصر وتداخلها ومن خلال ذلك يتألف الشيء كما أنه يتلاشى بتفرقها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق