ها هُنا أنا الآنَ
نِصفُ القَلبِ مُمتزِجٌ بِنِصفِ الليلْ
فَهذا البَحْرُ مُنسدِل عَنْ الكَونِ
وَهذا النَجمُ مَكشوفُ
وهذا القلب عُطشاناً بِوِحدَتهِ لِسَكرَتِهِ
وَيَبْدو العِشْقُ للسُكرانِ مَختومُ
"أَلا فالتُكسَر الجُدرانْ"
بَحارُ الأرضِ قَدْ ماجَتْ
وَشَمْسُ القلبِ سكرانه
أَهَلْ لِلهِ أَمْ إبليسْ قَدْ سَجَدَتْ
أَبو التَوحيِدِ شَيطانُ
فَلَمْ يَسْجُدْ سِوى لِلحقِ سُبحانَه
فبِالحِيرَةْ نَرَى الأَشياءْ
المَفْصُولُ مُتَصِلٌ والمَوصُولُ مُنفَصِلُ
إنَّ القَلبَ ماءٌ مازَجتهُ النّارْ
مُحْتَرِقاً بِنارِ الفِكرْ
لَيْسَ لَهُ دِيْارٌ يَستَقِرُ بِها
ولِلإيمانِ أَلْوانٌ رَمادِيةْ
قالَتْ حِكمةُ الأَزْمانْ:
"أَتَحْسَبُ أَنَّكَ جُرمٌ صَغيْرْ" وَفيكَ وَفيكَ وَفيكَ الإلهْ
أَنتَ المُطلقُ الأَوحَدْ
وَرُوحُ الكَونِ ساريةٌ في بَدَنِكْ
بِقَلبِكَ تَسكُنُ الأَرواحْ
فَهَلْ تَقنَعْ بِالنِسبي؟
فأَنْا هُوَ وَهُوَ أَنْا وَأَنْا أَنْا وَهُوَ هُوَ
عَرَفْتُ الآنَ مَعنايَ ومَعناهُ
بَعِيدٌ عَنكَ قَدْ ظَنّوا
قَريبٌ مِنكَ لَو عَرِفوا
كَساقِ الوَردِ مُنقَطِعٌ عَنْ الأَغيارْ
مُتَّصِلٌ بِحَبْلِكَ أَنتْ
فَلَوْ عَرَفوكَ ما لَبِسوا عِمامَتَهُم, وَما سَرَقوكْ,
وَ ما قالوا بِأنَّكَ مُلكَهُمْ يَوماً, وَما حَجَبُوكَ عَنْ خَلقِكْ.
فَصَحويْ الآنَ مُلتَبِسٌ مَعَ السُكرِ
أُجيدُ النُطقَ لكِنّي مُنصَرفٌ عَنْ النُطقِ
أُحِبُّ السُّكْر لأنَّ الصّحوَ فيْ سُكْريْ
وَلَيسَ السُكْر إلا فُرقَةَ الجَسّدِ
فَخُذْ جَسَديْ
فَلَيْسَ القَلبْ سِوى جِسرٌ
بُطَينٌ أَيسَرٌ لِلأَرضْ
بُطَينٌ أَيمَنٌ لِلنَبضْ
فَدَعْ سُكْرِيْ وحَلِلْ جِسمِيْ الإنْسيْ
خُذْ روحيْ وَدَعْ قَلبيْ يُحَلِقُ فِيكْ
فَسِرْ نَحويْ أَسِر نَحوَكْ
لا إيمانْ يَقنَعُنيْ
فَبِالحِيرَةْ نَرى الأَشيْاءْ
كُلُّ الكَونِ مُتَصِلٌ وَكُلُّ الكَونِ مُنفَصِلٌ
"أَنتَ الّذيْ بِنِسبَةِ إيمانِنْا تُرى وَبِما حَمَلنا لَكَ فيْ قُلُوبِنْا تَتَجَلّى"
فَكُنْ حَجَرَاً تَكُنْ حَجَرَاً
وَكُنْ شَمْساً وَكُنْ رُوحاً تَكُنْ طَيراً
يُحَلِّقُ في سَماءَ الوَجدْ
وَكُنْ لاشَيءَ كُنْ عَدماً تّكُنْ عَدَماً
يُجَلجِلُ عَطفَ ناقُوسِ القِلوبِ هَواكْ
قالَ رِياضُ النُعماني: "إلَهيْ أَنقذنيْ
لا أَحْتَملَ الدُلَّ
وَأَنتَ تُطيلُ دَلالَكَ فِيّ"
يا سِربَ حَمامْ
يا غَيمَةً بَيضاءْ
يا نَجماً
ويا شَجَرَاً
وَإنّ كُنتُّ بَلا كأسٍ
فهذا السُكْرُ في صَحويْ
وهذا الصَحْو في سُكريْ
"ماءٌ مازجتهُ النّارْ"
في ضوء إطلاعي على الصوفية أضنها الطريقة المثلى للتعبير عن حالات الحب و التجلي أو وصف العلاقة بين المحب و المحبوب فهي مطلقة ،،حرة ،، لا تعترف بالقيود المعتادة و لعل هذا هو الخط الرفيع الذي يربطها بالسوريالية التي هي انعكاس لما في نفس الانسان من مشاعر و دوافع فنلقى إن كلاهما مطلقٌ يرفض المحدود و الاثننين مبنيان على التعبير الحر ،،
ردحذفأحييك أحمد على هذا المقال الممتاز و على قدرتك العميقة في ربط المحتوى
تقبل مروري
شكرا جزيلا زهراء العزيزة. يسعدني مرورك وتعليقك. بالفعل هذه الارادة الحرة هي ما تجمع المنحيين. بالاضافة الى ان كلاهما يوصف بحالم وفوق واقعي. بالرغم من اختلاف العقيدة فالتصوف روحاني والسوريالية حركة الحادية الا ان هناك اجتماع كبير في الجوهر.. تحيتي
حذف