قبل أن يعرف الإنسان الإقتصاد النقدي كيف كان للعالِمان الغربيان ان يستنتجوا معنىً لـ "شراء السعادة"؟! ولكن لكل استنتاج بيئته التي يشتغل عليها وتشتغل على الفرد. ولمعرفة منطلقات استنتاج العالمان لشراء السعادة علينا الرجوع للبيئة المدروسة، التي هي عينها البيئة الرأسمالية الغربية، حيث جعلت من كل شيء سلعة، لم تستثني أي من الفن والعلم والجمال... وحتى الإنسان.
منذ القدم خاضت الثورات الانسانية صراعا مريرا مع السلطة المركزية المستحوذة على المال، فقال المسيح: "إنَّ حب المال وحب الله لا يجتمعان" وحب الله الذي كان يعنيه في مشروعهِ هو حب الخلق وإسعادهم، حيث وجد في الدولة الرومانية غريما سياسيا وإجتماعيا مستحوذاً. وكان هو يسعى لدولته الفاضلة حيث يعيش فيها المحكوم فلا يستعبد ويعيش الحاكم ولا يتسيد، فقتله الرومان بعد أن تحسسوا خطر حركته وصلبوه بالتعاون مع الارستقراطية اليهودية.
علي بن ابي طالب: خاض صراع مع اصحابه ضد مشروع سلطة مركزية اسلامية تشكلت بعد ذلك في الدولة الاموية وملكها العضوض، حيث ألزم نفسه بالحرمان بعد ان استلم الخلافة وقال "من ملك استبد" فالمال عنده مضنة فساد واستبداد حين يزيد عن حاجة الفرد ويمنعه عن الناس. وفي تفسير الفخر الرازي تعيقبا على آية: "ويل للمطففين" قال: من طلب حق نفسه من الناس ولا يعطيهم حقوقهم بقدر ما يطلب لنفسه فهو من هذه الجملة. وسكن علي في حي الرحبة احد احياء البصرة البسيطة إبّان خلافته متخليا عن قصر الإمارة، ويذكر تقشفه في الاكل حين استخلف لانه متلزم برعية يريد اشباعها "وحسبك داءٌ أن تبيت ببطنةٍ وحولك أكبادٌ تحنُّ إلى القِدِّ".
- القِد: إناء يُتخذ من الجلد.
لينين: قائد الثورة البلشفية في روسيا، مات في النصف الاول من عمره، وقد امتنع حتى عن اكل الاطعمة التي ألزمها الطبيب له لتحسين حالته الصحية لأن الروسيين لم يجدوا طعاما كافياً، جرى على خطه نظيره الأروغواني خوسيه موخيكا الذي قاد حركة التوباماروس الماركسية المسلحة في صباه لمقاومة النظام الرأسمالي، ويحكم الارغواي من ٢٠١٠ حتى الأن، يعيش في الريف وسط الناس ويتكسب من عمل يده حيث يبيع الأزهار مع زوجتهه ويتبرع بـ ٩٠% من راتبه الحكومي لفقراء الأروغواي.
هادي العلوي: كاتب عراقي من القرن الماضي ضمن الذين كتبوا في تاريخ الصراع البشري. وبيَّنَ سلوك المالكين المتفردين بالسعادة الذين اتسموا بالمجون والفساد. وأولائك الذين أشاعوا السعادة بين الناس من ضنائن الله واحباب الخلق واصفاً معنى المثقف الكوني وهو "من لا يملك شيئا ولا يملكه شيء" ووجه رسالته في مدارات صوفية لمريديه في مواجهة ثلاث محاور "سلطة المال وسلطة الدولة وسلطة الآيدلوجيا" ووضع صلاة يومية يأدب بها نفسه، هذا نصها: "سلام عليكِ أيتها الروح السارية في وجودي. أيتها النار الأبدية التي تتوقد في صدري فتحميه من برد النسيان. سلام عليكِ أيتها الحروف العاليات. هأنذا أبدأ يوماً جديداً من صراعي ضد الأغيار الأربعة مستعيذاً بك من الخساسات الثلاثة ومستمداً منك القدرة على الاقتحام. يا معيني على البلوى أعنِّي على التأويب في ديار الهم والغربة."
- الأغيار الأربعة: الحكام، المثقفون، الرأسمالية، الاستعمار.- الخساسات الثلاثة: السلطة، المال، الجنس.
وقد اسس هادي قبل رحيله "جمعية بغداد المشاعية" وضع فيها ما يزيد عن حاجته من ايرادات كتبه لتوزع على فقراء العراق.
شاو يونغ: فيلسوف صيني من القرن الحادي عشر الميلادي وضع مفهوم للسعادة نختتم به مقالنا وذلك بعد أن هجر حياة الاباطرة وسكن منعزلا على ضفاف نهر لو لثلاثين عام، وتعرف قصيدته في الصين بأغنية السعادة، هذا مقطع منها:
"إسم سيد السعادة مجهول
من ثلاثين سنة يعيش على ضفاف نهر"لو"
مشاعره مشاعر الريح والقمر
روحه على النهر والبحيرة
ليس عنده من فارق بين المنصب العالي والمنصب الواطي
بين الفقر والغنى
لا يجري مع الأشياء ولا يساهم فيها
لا قيود عنده ولا تحريمات
فقير لكنه غير آسف"
قبل أن يعرف الإنسان الإقتصاد النقدي كيف كان للعالِمان الغربيان ان يستنتجوا معنىً لـ "شراء السعادة"؟! ولكن لكل استنتاج بيئته التي يشتغل عليها وتشتغل على الفرد. ولمعرفة منطلقات استنتاج العالمان لشراء السعادة علينا الرجوع للبيئة المدروسة، التي هي عينها البيئة الرأسمالية الغربية، حيث جعلت من كل شيء سلعة، لم تستثني أي من الفن والعلم والجمال... وحتى الإنسان.
منذ القدم خاضت الثورات الانسانية صراعا مريرا مع السلطة المركزية المستحوذة على المال، فقال المسيح: "إنَّ حب المال وحب الله لا يجتمعان" وحب الله الذي كان يعنيه في مشروعهِ هو حب الخلق وإسعادهم، حيث وجد في الدولة الرومانية غريما سياسيا وإجتماعيا مستحوذاً. وكان هو يسعى لدولته الفاضلة حيث يعيش فيها المحكوم فلا يستعبد ويعيش الحاكم ولا يتسيد، فقتله الرومان بعد أن تحسسوا خطر حركته وصلبوه بالتعاون مع الارستقراطية اليهودية.
علي بن ابي طالب: خاض صراع مع اصحابه ضد مشروع سلطة مركزية اسلامية تشكلت بعد ذلك في الدولة الاموية وملكها العضوض، حيث ألزم نفسه بالحرمان بعد ان استلم الخلافة وقال "من ملك استبد" فالمال عنده مضنة فساد واستبداد حين يزيد عن حاجة الفرد ويمنعه عن الناس. وفي تفسير الفخر الرازي تعيقبا على آية: "ويل للمطففين" قال: من طلب حق نفسه من الناس ولا يعطيهم حقوقهم بقدر ما يطلب لنفسه فهو من هذه الجملة. وسكن علي في حي الرحبة احد احياء البصرة البسيطة إبّان خلافته متخليا عن قصر الإمارة، ويذكر تقشفه في الاكل حين استخلف لانه متلزم برعية يريد اشباعها "وحسبك داءٌ أن تبيت ببطنةٍ وحولك أكبادٌ تحنُّ إلى القِدِّ".
- القِد: إناء يُتخذ من الجلد.
لينين: قائد الثورة البلشفية في روسيا، مات في النصف الاول من عمره، وقد امتنع حتى عن اكل الاطعمة التي ألزمها الطبيب له لتحسين حالته الصحية لأن الروسيين لم يجدوا طعاما كافياً، جرى على خطه نظيره الأروغواني خوسيه موخيكا الذي قاد حركة التوباماروس الماركسية المسلحة في صباه لمقاومة النظام الرأسمالي، ويحكم الارغواي من ٢٠١٠ حتى الأن، يعيش في الريف وسط الناس ويتكسب من عمل يده حيث يبيع الأزهار مع زوجتهه ويتبرع بـ ٩٠% من راتبه الحكومي لفقراء الأروغواي.
هادي العلوي: كاتب عراقي من القرن الماضي ضمن الذين كتبوا في تاريخ الصراع البشري. وبيَّنَ سلوك المالكين المتفردين بالسعادة الذين اتسموا بالمجون والفساد. وأولائك الذين أشاعوا السعادة بين الناس من ضنائن الله واحباب الخلق واصفاً معنى المثقف الكوني وهو "من لا يملك شيئا ولا يملكه شيء" ووجه رسالته في مدارات صوفية لمريديه في مواجهة ثلاث محاور "سلطة المال وسلطة الدولة وسلطة الآيدلوجيا" ووضع صلاة يومية يأدب بها نفسه، هذا نصها: "سلام عليكِ أيتها الروح السارية في وجودي. أيتها النار الأبدية التي تتوقد في صدري فتحميه من برد النسيان. سلام عليكِ أيتها الحروف العاليات. هأنذا أبدأ يوماً جديداً من صراعي ضد الأغيار الأربعة مستعيذاً بك من الخساسات الثلاثة ومستمداً منك القدرة على الاقتحام. يا معيني على البلوى أعنِّي على التأويب في ديار الهم والغربة."
- الأغيار الأربعة: الحكام، المثقفون، الرأسمالية، الاستعمار.- الخساسات الثلاثة: السلطة، المال، الجنس.
وقد اسس هادي قبل رحيله "جمعية بغداد المشاعية" وضع فيها ما يزيد عن حاجته من ايرادات كتبه لتوزع على فقراء العراق.
شاو يونغ: فيلسوف صيني من القرن الحادي عشر الميلادي وضع مفهوم للسعادة نختتم به مقالنا وذلك بعد أن هجر حياة الاباطرة وسكن منعزلا على ضفاف نهر لو لثلاثين عام، وتعرف قصيدته في الصين بأغنية السعادة، هذا مقطع منها: